في وقت تتوجه فيه أنظار كبار المسؤولين التنفيذيين من شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل ألفابت، ميتا، ومايكروسوفت، إلى جلسة استماع حاسمة في الكابيتول هيل، لبحث التهديدات الانتخابية المحتملة لعام 2024، يبرز غياب منصة “إكس” (تويتر سابقاً) وإيلون ماسك، المدير التنفيذي للمنصة، عن هذه الجلسة كحدث لافت للنظر. فقد رفض ماسك المشاركة أو إرسال ممثل بديل لحضور هذه الجلسة، مما أثار تساؤلات حول التزام منصته بمواجهة التهديدات التي قد تؤثر على العمليات الانتخابية في الولايات المتحدة.

خلفية الجلسة والمخاطر المحدقة

تحمل جلسة الاستماع عنوان “التهديدات الخارجية للانتخابات في عام 2024 – أدوار ومسؤوليات مقدمي التكنولوجيا الأميركيين”. ويرأسها السيناتور مارك وارنر، الديمقراطي من فرجينيا، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، إلى جانب السيناتور الجمهوري ماركو روبيو من فلوريدا. تهدف هذه الجلسة إلى تسليط الضوء على المخاوف المتزايدة لدى المشرعين من محاولات الكيانات الأجنبية، لا سيما روسيا، إيران، والصين، للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة من خلال استغلال المنصات التقنية الكبرى.

هذه المخاوف ليست جديدة، فقد تم توثيق تدخلات مماثلة في انتخابات 2016 و2020، حيث استخدمت حملات تضليل مدعومة من حكومات أجنبية وسائل التواصل الاجتماعي لتأجيج التوترات السياسية وتقويض الثقة في العمليات الديمقراطية. ورغم الإجراءات التي اتخذتها منصات التكنولوجيا سابقاً، إلا أن التحديات تبقى قائمة، خاصة في ظل تطور الأدوات التكنولوجية المستخدمة في هذه الهجمات، مثل استخدام تقنيات “التزييف العميق” (Deepfakes) والتصيد الاحتيالي لشن هجمات على الشخصيات السياسية.

موقف إيلون ماسك ومنصة “إكس”

إيلون ماسك، الذي أصبح مالكاً لمنصة “إكس” في 2022 بعد استحواذه على تويتر، أثار عدة مرات الجدل من خلال تصريحاته ومنشوراته على منصته التي يتابعها ما يقارب 200 مليون مستخدم. وكانت آخر تلك الجدل قد حدث بعد منشوراته المثيرة للانقسام، والتي تم حذفها بعد موجة من الانتقادات.

ورغم أهمية هذه الجلسة وضرورة مشاركة كل الأطراف الفاعلة في التكنولوجيا، إلا أن منصة “إكس” رفضت إرسال شاهد بديل بعد استقالة نيك بيكلز، رئيس الشؤون العالمية السابق للمنصة، في 6 سبتمبر. هذا القرار أثار استياء بعض أعضاء الكونغرس، لا سيما أن المنصة تلعب دوراً محورياً في نشر الأخبار وتوجيه النقاش العام، وبالتالي فهي هدف رئيسي لأي محاولات تأثير أجنبية.

مشاركة عمالقة التكنولوجيا الآخرين

على النقيض من موقف ماسك، استجابت شركات التكنولوجيا الأخرى مثل ألفابت (الشركة الأم لجوجل) وميتا ومايكروسوفت لدعوة الكونغرس للمشاركة في الجلسة. يمثل شركة ألفابت كينت ووكر، الرئيس والمدير القانوني، في حين يمثل نيك كليغ، رئيس الشؤون العالمية في ميتا، الشركة في الجلسة. أما مايكروسوفت، فيمثلها رئيسها براد سميث.

هذه الشركات لا تكتفي بالمشاركة في الجلسة فحسب، بل قامت أيضاً بنشر أبحاث توثق جهود مجموعات قرصنة مدعومة من روسيا وإيران لاستهداف الانتخابات الأميركية. وبحسب ما نشرته الشركتان، استخدمت هذه المجموعات أساليب معقدة مثل التصيد الاحتيالي لاختراق حسابات مسؤولي الحملات الانتخابية للرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب.

التحركات الحكومية الأميركية

في وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت إدارة بايدن أنها تكثف جهودها لمواجهة التهديدات التي ترعاها حكومات أجنبية للتأثير على الانتخابات. وقد أكد المدعي العام الأميركي، ميريك غارلاند، في بيان له أن الولايات المتحدة ستتصدى بصرامة لأي محاولات للتدخل الأجنبي في الانتخابات، سواء كانت من روسيا، إيران، أو أي جهة خبيثة أخرى.

التبعات المحتملة

غياب إيلون ماسك ومنصة “إكس” عن جلسة الاستماع يثير القلق بشأن دور المنصة في مواجهة التهديدات الانتخابية. ومع اقتراب انتخابات 2024، فإن رفض المنصة للتعاون مع الكونغرس قد يضعها تحت المزيد من التدقيق القانوني والإعلامي. علاوة على ذلك، قد يواجه ماسك وفريقه تحديات جديدة في إدارة المحتوى على المنصة وسط اتهامات بعدم الجدية في مكافحة حملات التضليل الانتخابية.

في ظل هذه التطورات، يبدو أن مستقبل منصات التواصل الاجتماعي في ظل التأثيرات السياسية سيظل موضوعاً شائكاً. وبينما تتجه الأنظار إلى الكابيتول هيل، يظل السؤال المطروح: هل تستطيع هذه الشركات، بما فيها “إكس”، التكيف مع التهديدات المتزايدة وحماية الديمقراطية الأميركية من التدخلات الأجنبية؟

سهم:
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *