تواجه شركة مايكروسوفت تحديات ملحوظة في مجال السحابة خلال الربع الأخير، على الرغم من توقعات المحللين العالية لنمو وحدة سحابة Azure. فقد أعلنت الشركة عن تحقيق زيادة في إيرادات Azure بنسبة 29%، وهي نسبة أقل قليلاً من توقعات محللي Wedbush الذين كانوا يتوقعون نموًا بنسبة 30%. هذه النتائج تأتي في وقت تشهد فيه الشركات، بما في ذلك مايكروسوفت، ضغوطًا كبيرة بسبب الإنفاق المكثف على الذكاء الاصطناعي، الذي لم يُترجم بعد إلى نمو ملموس في المبيعات.
استثمرت مايكروسوفت مبلغًا ضخمًا قدره 13 مليار دولار في شركة OpenAI، وتخطط للحصول على 1.8 مليون شريحة لتعزيز قدراتها في الذكاء الاصطناعي. في وقت سابق من هذا الشهر، كان هناك استجواب من مستثمري Alphabet حول فعالية الإنفاق على الذكاء الاصطناعي مقابل النتائج المحققة، مما يعكس القلق الواسع في أوساط الشركات التقنية الكبرى حول مدى فعالية هذه الاستثمارات.
خلال تقرير الأرباح، قسّمت مايكروسوفت إنفاقها بشكل مفصل، مشيرة إلى أن النفقات الرأسمالية، بما في ذلك التأجير المالي، بلغت 19 مليار دولار، حيث كان جزء كبير منها مخصصًا للذكاء الاصطناعي. شمل هذا الإنفاق بناء وتأجير مراكز البيانات، فضلاً عن شراء الخوادم ووحدات المعالجة المركزية ووحدات معالجة الرسوميات، وهي عناصر أساسية لدعم تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
في محاولة لتهدئة المستثمرين، قدم الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت، ساتيا نادلا، رؤية واضحة حول التحول إلى الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن هذا الانتقال يتطلب استثمارات ضخمة في المعرفة ورأس المال. وأكد نادلا على أهمية “الرفع التشغيلي طويل الأجل”، وأوضح أن الشركة وسعت من نطاق بياناتها وأضيفت معجلات ذكاء اصطناعي جديدة من شركتي AMD وNvidia. كما أشار إلى أن الكثير من إنفاق الشركة على الذكاء الاصطناعي سيحقق عوائده على مدى 15 عامًا وما بعده، حسبما أفادت المديرة المالية، إيمي هود.
بلغت إجمالي إيرادات مايكروسوفت خلال الربع 64.7 مليار دولار، مما يعكس نموًا بنسبة 15% على أساس سنوي. ومع ذلك، أشار المحلل الأول في Emarketer، جادجو سيفيلا، إلى أن الشركة كانت تواجه مشكلات أمنية كبرى، مثل الانقطاعات التي أثرت على خدمات Microsoft 365 وAzure، مما قد يؤثر على سمعة الشركة على المدى القصير.
رغم هذه التحديات، تبقى مايكروسوفت في موقع قيادي في مجال الذكاء الاصطناعي بفضل شراكتها مع OpenAI وإطلاق منتجات مثل Copilot AI. لكن مع تزايد الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وأمازون وغوغل، تظل التساؤلات قائمة حول مدى سرعة تحقيق هذه الاستثمارات لنتائج ملموسة وابتكارات جديدة.
في ظل هذه التطورات، يشير خبير تكنولوجيا المعلومات، محمد سعيد، إلى أن إنفاق الشركات على الذكاء الاصطناعي يعزز النمو الاقتصادي ويعالج العديد من التحديات، مثل تحسين الجودة وزيادة الإنتاجية. ومع ذلك، يلفت سعيد إلى أن هناك سلبيات، مثل تقليص الاعتماد على الموظفين التقليديين، مما يؤثر على سوق العمل، واستخدام الذكاء الاصطناعي في أشياء مثل تزوير الصور والفيديوهات.
من جانب آخر، يرى المستشار الأكاديمي أحمد بانافع أن تزايد الإنفاق على الذكاء الاصطناعي يعزز الابتكار ويحسن كفاءة العمليات التشغيلية، لكنه قد يزيد من الفجوة التكنولوجية بين الشركات الكبرى والصغرى ويثير قضايا أخلاقية تتعلق بالخصوصية والأمن.
بشكل عام، توفر الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي فرصًا هائلة، ولكنها تتطلب اهتمامًا كبيرًا بالمعايير الأخلاقية والقانونية لضمان تحقيق فوائد مستدامة وتجنب الأضرار المحتملة.