في تصعيد جديد للأحداث الأمنية المتعلقة بالمرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، أحبط جهاز الخدمة السرية محاولة اغتيال ثانية ضده يوم الأحد الماضي بالقرب من ملعب الجولف الخاص به في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا. هذه الواقعة أثارت قلقًا واسعًا بشأن الأمن الشخصي لمرشحي الرئاسة في الولايات المتحدة، خاصة في ظل الاستقطاب السياسي الحاد قبل أسابيع قليلة من الانتخابات.
تفاصيل الهجوم وإحباطه
بحسب ما أوردته السلطات المحلية وتقارير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وقع الهجوم في ظهيرة يوم الأحد عندما رصد عملاء جهاز الخدمة السرية مسلحًا في منطقة أحراش قرب ملعب الجولف الخاص بترامب. كان المسلح على بعد مئات الأمتار فقط من موقع تواجد ترامب، والذي كان في الملعب لحضور مباراة جولف خاصة.
أفاد مسؤولون في إنفاذ القانون أن المسلح كان يحمل بندقية هجومية من طراز AK-47، وهي سلاح هجومي شائع الاستخدام في عمليات الإرهاب والهجمات المسلحة. فور رصده، اشتبك عملاء الخدمة السرية مع المسلح وأطلقوا النار عليه لإيقافه. إلا أن المشتبه به تمكن من الفرار بعد أن ألقى سلاحه وبعض المتعلقات الأخرى، وانطلق في سيارة سوداء من طراز نيسان، إلا أن المطاردة لم تدم طويلاً، حيث تم توقيفه لاحقًا من قبل سلطات إنفاذ القانون واعتقاله.
التعرف على المشتبه به
بعد ساعات من الحادث، كشفت وسائل إعلام أميركية عن هوية المشتبه به، وهو ريان ويسلي روث، رجل يبلغ من العمر 58 عامًا ويعيش في هاواي. وبحسب التقارير، يعد روث شخصية معروفة بمواقفه المتطرفة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أظهرت حساباته على إكس (المعروفة سابقًا بتويتر) وفيسبوك ولينكدإن تأييده الكبير لأوكرانيا في حربها ضد روسيا. وقد أشار في عدة منشورات إلى محاولته دعم وتجنيد أفراد للانضمام إلى جهود الحرب في أوكرانيا.
ومع ذلك، لم يتضح بعد إذا كان روث يعلم بوجود ترامب في الملعب وقت الهجوم أو ما إذا كان لديه دافع واضح لاستهدافه. ولا تزال السلطات تحقق في كيفية حصول المشتبه به على هذه المعلومات، وما إذا كان هناك تخطيط مسبق للهجوم أو أنه كان عملية عشوائية.
خلفية الهجوم والتهديدات الأمنية المتزايدة
الهجوم الأخير يعد الثاني في غضون شهرين يستهدف ترامب. فقد تعرض المرشح الجمهوري في وقت سابق لمحاولة اغتيال في ولاية بنسلفانيا خلال تجمع انتخابي، حيث أُطلق عليه النار، ما أسفر عن إصابته بجرح طفيف في أذنه اليمنى، بينما قُتل أحد الحضور في هذا الهجوم. وفي تلك الواقعة، تدخل جهاز الخدمة السرية بسرعة لقتل مطلق النار، الذي تبين لاحقًا أنه شاب يبلغ من العمر 20 عامًا يُدعى توماس كروس.
تلك الحوادث المتكررة سلطت الضوء على المخاطر الأمنية التي يواجهها المرشحون للرئاسة في ظل الاحتدام السياسي والانقسامات المتزايدة في الولايات المتحدة. مع بقاء نحو سبعة أسابيع فقط على الانتخابات المقررة في 5 نوفمبر، تزداد المخاوف بشأن سلامة المرشحين الرئاسيين.
ردود الفعل من ترامب والبيت الأبيض
بعد الحادثة، خرج دونالد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي ليشكر جهاز الخدمة السرية والشرطة على حمايته. وكتب في منشور: “أود أن أشكر الجميع على اهتمامهم وكل من تمنوا لي السلامة، كان بكل تأكيد يوماً مثيراً!”. وأضاف: “لن يعرقلني أي شيء، ولن أستسلم أبداً!”.
في سياق متصل، أصدر البيت الأبيض بيانًا أشار فيه إلى أن الرئيس جو بايدن أصدر تعليمات لفريقه لضمان توفير كافة الموارد اللازمة لجهاز الخدمة السرية لحماية ترامب وبقية المرشحين. وقال بايدن إنه يتابع عن كثب تطورات الوضع الأمني ويتأكد من أن الإجراءات الأمنية مشددة لحماية جميع الشخصيات السياسية البارزة.
كما علقت نائبة الرئيس كامالا هاريس على الواقعة عبر منصة إكس، حيث قالت: “لا مكان للعنف في أميركا”. وأضافت أن حملة الانتخابات الرئاسية يجب أن تظل ساحة للمنافسة السياسية السلمية بعيداً عن أعمال العنف.
الثغرات الأمنية وتساؤلات حول الحماية
على الرغم من إحباط الهجوم، أثار هذا الحادث تساؤلات جديدة حول مستوى الحماية المقدم لترامب، خصوصًا أنه لم يعد يشغل منصب الرئيس، وهو ما يجعل الإجراءات الأمنية المحيطة به أقل شمولاً مقارنة بفترة رئاسته. وقد اعترف ريك برادشو، قائد شرطة مقاطعة بالم بيتش، خلال إفادة صحفية، بأن ملعب الجولف لم يكن مطوقًا بالكامل لأن ترامب لم يعد في منصب الرئيس. وأشار إلى أنه لو كان رئيسًا حاليًا، لكانت الإجراءات الأمنية أكثر صرامة وتمت حماية الملعب بالكامل.
وقال برادشو: “فعل جهاز الخدمة السرية بالضبط ما كان ينبغي القيام به”. وأوضح أن العملاء تعاملوا بسرعة مع التهديد وتمكنوا من إحباط الهجوم قبل أن يتطور.
إجراءات قانونية مستقبلية
مع القبض على ريان ويسلي روث، لا تزال التحقيقات جارية لتحديد دوافعه وتورطه في الهجوم. وقد تم توجيه الاتهام إليه بعدة تهم تتعلق بحيازة سلاح هجومي ومحاولة القتل. كما يتم البحث فيما إذا كان هناك شركاء له أو ما إذا كان هذا الهجوم جزءًا من تهديد أوسع ضد ترامب أو مرشحين آخرين في الانتخابات.
ختامًا
بينما يستمر السباق الانتخابي في التوتر والاستقطاب، تبرز تحديات جديدة فيما يتعلق بتأمين المرشحين وحمايتهم. الواقعتان الأخيرتان اللتان استهدفتا ترامب تؤكدان أن المخاطر الأمنية ما زالت مرتفعة، وأنه من الضروري اتخاذ إجراءات استباقية لحماية الشخصيات العامة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ أميركا.