في قلب التحديات العميقة التي تعصف بالمنطقة، يبرز بصيص من الأمل على الأفق الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2025، رغم الصراعات التي تهدد استقرارها.
اقتصادات الخليج: عودة نموها المتوقع في 2025 نجلاء بن ميمون
رغم الأزمات المستمرة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تشير التوقعات إلى فرص اقتصادية في عام 2025. وفقًا للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الإقليمي زيادة في النمو، رغم التحديات المستمرة مثل الأزمات السياسية والتوترات الجيوسياسية.
في أحدث تحديثات البنك الدولي، يتوقع أن يسجل النمو الاقتصادي في المنطقة ارتفاعًا يصل إلى 3.8% في 2025، مقارنة بـ2.2% في 2024. ويُعزى هذا الانتعاش إلى تحسن أداء دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يساهم رفع تقليصات إنتاج النفط في نمو بنسبة 4.2% في 2025، أي ضعف معدل العام السابق. ورغم أن دول الخليج ستختلف في الأداء، فإن الدول الغنية بالطاقة مثل السعودية وقطر ستستفيد من إيرادات النفط، بينما ستواجه دول أخرى، مثل البحرين، تحديات مالية قد تحد من نموها.
دول مثل العراق والجزائر من المتوقع أن تشهد نموًا بنسبة 3.3%، في حين ستتحسن الاقتصادات المستوردة للنفط بشكل معتدل. وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، بما في ذلك تأثيرات حرب غزة والأزمات المالية، من المتوقع أن يسجل اقتصادها نموًا قدره 3.5% في 2025، وهو تحسن ملحوظ عن 2024.
التحديات الهيكلية والنمو المحدود
على الرغم من هذه التوقعات الإيجابية، إلا أن النمو لا يُترجم دائمًا إلى تحسن في مستوى معيشة السكان، خصوصًا بين الشباب. إذ يُتوقع أن يبقى معدل البطالة في صفوف الشباب مرتفعًا عن 24%، وهو ما يشكل تهديدًا لاستقرار المنطقة في المستقبل. هذه الفئة تحتاج إلى وظائف منتجة إذا أرادت المنطقة الاستفادة من مكاسبها الديموغرافية. دون أنظمة تعليمية متطورة وأسواق تشجع ريادة الأعمال، قد يتحول التضخم السكاني إلى عبء اقتصادي.
من ناحية أخرى، يُتوقع أن تعاني بعض دول المنطقة من اختلالات في ميزانياتها العامة، حيث قد تواجه الدول المنتجة للنفط عجزًا ماليًا يصل إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025. وتستمر الضغوط التضخمية في دول مثل إيران واليمن ومصر، ما يؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للأسرة ويزيد من حدة التفاوتات الاجتماعية.
فرص واعدة رغم التحديات
ورغم كل هذه التحديات، لا يزال أمام المنطقة فرص كبيرة للتحسين. على سبيل المثال، فإن تعزيز التجارة البينية يمكن أن يساهم في نقل التكنولوجيا وتحفيز المنافسة. من خلال تقليل الحواجز التجارية، يمكن أن تساهم هذه التحسينات في تسريع النمو.
علاوة على ذلك، يمكن للقطاعات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي والتمويل الأخضر أن تفتح آفاقًا جديدة للمنطقة. دول الخليج، على وجه الخصوص، قد تستفيد من رأس المال والقدرة التكنولوجية لتعزيز استثماراتها في هذه المجالات، مما يعزز النمو المستدام بعيدًا عن الاعتماد الكامل على النفط.
تحديات ثقافية وفرص للنمو
إذا كانت المنطقة ترغب في تحقيق إمكاناتها بالكامل، فإن معالجة التحديات مثل تعزيز مشاركة النساء في القوى العاملة ستشكل فرصة حاسمة. مشاركة المرأة في العمل من شأنها أن تعزز الاقتصاد بشكل كبير. إضافةً إلى ذلك، الانتقال من القطاع العام إلى القطاع الخاص يمكن أن يعزز من إنتاجية الاقتصاد ويخلق فرصًا جديدة للنمو.
الختام
اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2025 يعكس مزيجًا من الفرص والتحديات. وعلى الرغم من التوقعات الإيجابية، يتعين على المنطقة معالجة النقاط الهيكلية الضعيفة والمخاطر السياسية لضمان تحقيق نمو مستدام. التحول نحو اقتصاد أكثر شمولًا، يعزز من تطوير رأس المال البشري، وتحسين الإنتاجية، والانفتاح على التجارة والبيانات، وتحفيز الابتكار التكنولوجي، سيشكل السبيل الأمثل لتحقيق التقدم.